80-[تحقيق الذهبي في عمر سلمان و رجوعه عما قاله في التاريخ]
قال الإمام الذهبي:"قَالَ العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ:يَقُوْلُ أَهْلُ العِلْمِ: عَاشَ سَلْمَانُ ثَلاَثَ مَائَةٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، فَأَمَّا مَائَتَانِ وَخَمْسُوْنَ، فَلاَ يَشُكُّوْنَ فِيْهِ.قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: يُقَالُ: اسْمُ سَلْمَانَ مَاهَوَيْه.وَقِيْلَ: مَايَةُ.وَقِيْلَ: بُهْبُوْدُ بنُ بَذْخَشَانَ بنِ آذَرجشِيْشَ، مِنْ وَلَدِ مَنُوْجَهْرَ المَلِكِ .وَقِيْلَ: مِنْ وَلَدِ آبَ المَلِكِ.يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، بِالمَدَائِنِ.قَالَ: وَتَارِيْخُ كِتَابِ عِتْقِهِ يَوْمُ الاثْنَيْنِ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، مُهَاجَرَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.وَمَوْلاَهُ الَّذِي بَاعَهُ: عُثْمَانُ بنُ أَشْهَلَ القُرَظِيُّ اليَهُوْدِيُّ.وَقِيْلَ: إِنَّهُ عَادَ إِلَى أَصْبَهَانَ زَمَنَ عُمَرَ.وَقِيْلَ: كَانَ لَهُ أَخٌ اسْمُهُ بَشِيْرٌ ، وَبِنْتٌ بِأَصْبَهَانَ لَهَا نَسْلٌ، وَبِنْتَانِ بِمِصْرَ.وَقِيْلَ: كَانَ لَهُ ابْنٌ اسْمُهُ كَثِيْرٌ.فَمِنْ قَوْلِ البَحْرَانِيِّ إِلَى هُنَا منَقُوْلٌ مِنْ كِتَابِ (الطّوَالاَتِ) لأَبِي مُوْسَى الحَافِظِ.وَقَدْ فَتَّشْتُ، فَمَا ظَفِرْتُ فِي سِنِّهِ بِشَيْءٍ، سِوَى قَوْلِ البَحْرَانِيِّ، وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ لاَ إِسْنَادَ لَهُ.وَمَجْمُوْعُ أَمْرِهِ، وَأَحْوَالِهِ، وَغَزْوِهِ، وَهِمَّتِهِ، وَتَصَرُّفِهِ، وَسَفِّهِ لِلْجَرِيْدِ، وَأَشْيَاءَ مِمَّا تَقَدَّمَ يُنْبِئُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَمَّرٍ، وَلاَ هَرِمٍ، فَقَدْ فَارَقَ وَطَنَهُ وَهُوَ حَدَثٌ، وَلَعَلَّهُ قَدِمَ الحِجَازَ وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ سَمِعَ بِمَبْعَثِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمّ َهَاجَرَ، فَلَعَلَّهُ عَاشَ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَا أَرَاهُ بَلَغَ المَائَةَ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُفِدْنَا.وَقَدْ نَقَلَ طُوْلَ عُمُرِهِ: أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ، وَغَيْرُهُ، وَمَا عَلِمْتُ فِي ذَلِكَ شَيْئاً يُرْكَنُ إِلَيْهِ.رَوَى جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَذَلِكَ فِي (العِلَلِ) لابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ:لَمَّا مَرِضَ سَلْمَانُ، خَرَجَ سَعْدٌ مِنَ الكُوْفَةِ يَعُوْدُهُ، فَقَدِمَ، فَوَافَقَهُ وَهُوَ فِي المَوْتِ يَبْكِي، فَسَلَّمَ، وَجَلَسَ، وَقَالَ:مَا يُبْكِيْكَ يَا أَخِي؟ أَلاَ تَذْكُرُ صُحْبَةَ رَسُوْلِ اللهِ، أَلاَ تَذْكُرُ المَشَاهِدَ الصَّالِحَةَ؟قَالَ: وَاللهِ مَا يُبْكِيْنِي وَاحِدَةٌ مِنْ ثِنْتَيْنِ، مَا أَبْكِي حُبّاً بِالدُّنْيَا، وَلاَ كَرَاهِيَةً لِلِقَاءِ اللهِ.قَالَ سَعْدٌ: فَمَا يُبْكِيْكَ بَعْدَ ثَمَانِيْنَ؟قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ خَلِيْلِي عَهِدَ إِلَيَّ عَهْداً، قَالَ: (لِيَكُنْ بَلاَغُ أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ)، وَإِنَّا قَدْ خَشِيْنَا أَنَّا قَدْ تَعَدَّيْنَا.رَوَاهُ: بَعْضُهُمْ، عَنْ ثَابِتٍ، فَقَالَ:عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَإِرْسَالُهُ أَشْبَهُ.قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَهَذَا يُوْضِحُ لَكَ أَنَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي (تَارِيْخِي الكَبِيْرِ) أَنَّهُ عَاشَ مَائتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَأَنَا السَّاعَةَ لاَ أَرْتَضِي ذَلِكَ، وَلاَ أُصَحِّحُهُ."
[سير أعلام النبلاء(1/555و556)]