مسألة:
قال شيخنا رحمه الله تعالى: اختلف العلماء هل يصلي المأمون جلوسًا خلف الإمام إذا كان جالسًا أم لا؟
قال بعضهم: لا يجوز أن يصلوا جلوسًا بل يصلون قيامًا، واختار ذلك البخاري في صحيحه وقال بنسخ الأحاديث الدالة على الجلوس، قال البخاري إنما يؤخذ بالآخر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، والذين وافقوا البخاري قالوا: القيام ركن من أركان الصلاة مع الاستطاعة وهؤلاء الجالسون مقتدرون على القيام فجلوسهم مخالفة لركن.
القول الثاني: أنهم يصلون جلوسًا لكثرة الأحاديث في ذلك وكلها صريحة صحيحة: «إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتمَّ بهِ، فلا تختلفوا عَلَيه» فإذا وقف المأمومون اختلفوا فلم يتابعوا الإمام، وقالوا أيضًا: أنهم إذا قاموا تشبهوا بفارس والروم كما ورد في الحديث.
القول الثالث: التفصيل في ذلك. أما إذا ابتدأ بهم وهو قائم ثم جلس فإنهم يتمون صلاتهم وهم قيام، فالصحابة ائتموا بأبي بكر وهم قيام ثم ائتم الصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس والصحابة قيام.
وأما إذا ابتدأ بهم وهو جالس فإنهم يصلون خلفه جلوسًا كما في قصـة النبي صلى الله عليه وسلم عندمـا شـق لما سقـط من الفـرس وتمشيًا مع قـولـه ـ صلوا جلوسًا ـ وأيضًا لعدم التشبه بفارس والروم، وهذا القول الأخير قال به صاحب الإقناع وغيره.