فضيلة الشيخ الوالد المكرَّم/ عبد العزيز الفايز جعلنا الله وإياه من الفائزين في الدنيا والآخرة ... آمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فلقد سألت رعاك الله تعالى عن مسألتين : الأولى : عن صحة حديث قدسي ، ولفظه : (( قال الله تبارك وتعالى : إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أطلقته من أساري ، ثم أبدلته لحماً خيراً من لحمه ، ودماً خيراً من دمه ، ثم يستأنف العمل )) .الثانية : عن أصل كلمة ( تيميّة ) ، وهل شيخ الإسلام ينسب إلى أمه ؟وقبل الجواب : أرى لزاماً عليَّ أن أذكر لك أمرين أثنين :
الأول/ كان الأولى والأجدر أن أكون أنا السائل لك والمستفيد منك دون العكس ، لكن شكر الله لك تواضعك وحسن ظنك بي .
الثاني/ أعتذر عن تأخر الجواب ، ويشفع لي في ذلك شيئان : سعة صدرك ، وكثرة مشاغلي .
وبعد هذا ونزولاً عند رغبتكم الكريمة إليك فضيلة الوالد الكريم الجواب كتابياً كما وعدتُك بذلك :-
أما الحديث المذكور أعلاه : فقد أخرجه الإمام الحاكم رحمه الله تعالى في المستدرك ، المجلد الأول ، ص348-349 ، وقال بعد سياقه : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ) ، ووافقه الذهبي رحمه الله تعالى ، وأخرجه البيهقي رحمه الله تعالى أيضاً في السنن الكبرى ، المجلد الثالث ، ص375 مرفوعاً وموقوفاً على أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، وصحح الحديث الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في ( صحيح الجامع الصغير ) ، المجلد الرابع ، ص112 حديث رقم 4177 . وأورده أيضاً – الألباني – في ( السلسلة الصحيحة ) ، المجلد الأول ، ص143 ، حديث رقم 272 ، وأطال الكلام على تخريجه ؛ ذلك لأنه ذكر كلاماً للإمام ابن رجب رحمه الله تعالى أعلَّ فيه الحديث ، لكن الشيخ الألباني ردّ عليه وساق للحديث شاهداً أو شاهدين .وبكل حال .. فالحديث كما سمعتَ صححه الحاكم والبيهقي والألباني .هذا ما يتعلق بالمسألة الأولى .
وأما المسألة الثانية ، وهي معنى ( تيميّة ) ، وكيف يُنسب شيخ الإسلام إليها دون النسبة إلى أبيه ؟فجوابها : أمًّا كلمة ( تيميّة ) ، فقد قال الإمام ابن عبد الهادي رحمه الله تعالى في كتابه ( العقود الدريّة من مناقب شيخ الإسلام ابن تيميّة ) ما نصه : { قيل إن جده محمد بن الخضر حج على درب تيماء فرأى هناك طفلة ، فلما رجع وجد امرأته قد ولدت له بنتاً فقال : يا تيميّة يا تيميّة ، فلقِّب بذلك . قال ابن النجار : ذُكر لنا أن جده محمدا كانت أمه تُسمى ( تيميّة ) ، وكانت واعظة فنسب إليها وعُرف بها } انتهى بحروفه من كتاب ( العقود الدرية ) ص2.
شاهد القول .. أن النسبة إلى الأم دارجة في الاستعمال ، ويشهد لهذا ما جاء في كتب التراجم ، وعلى سبيل المثال : فهذا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى قد ذكر في آخر كتابه ( تقريب التهذيب ) باباً بعنوان : ( من نُسب إلى أبيه أو جده أو أمه أو عمه ونحو ذلك على ترتيب الحروف ) ، ثم شرع رحمه الله تعالى في سياق أسماء أولئك .ولعل أولئك قد اشتهروا بتلك النسبة فلازمتهم نداءً وذِكراَ .ومن أوضح الأمثلة على ذلك الصحابي الجليل معاذ بن الحارث الأنصاري رضي الله تعالى عنه .فقد أورده الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه ( الإصابة ) المجلد السادس ص140 ، ترجمه رقم 8045 ، وقال عنه : المعروف بابن عفراء – ثم قال - : وعفراء أمه عُرِف بها ، انتهى مختصراً من ( الإصابة ) .وإذا كان ذلك كذلك فـ ( آل تيميّة ) قد نُسِبوا إلى تيميّة واشتهروا بذلك فلم يُعدل عن هذه التسمية إلى غيرها .ومن باب الفائدة .. فـقــد ذكـــر الإمــــام الـنــووي رحـمـه الله تـعـالـى فــي كـتــابـــه ( الأذكار ) اتفاق أهل العلم على جواز ذكر من عُرِف بلقب واشتهر به ولم يكن له تمييز إلاَّ به .وهذا يا شيخ عبد العزيز سلَّمك الله تعالى فيمن كان يكره النسبة إليه بذلك ، فكيف بمن لا يكره ذلك !
ختاماً .. فضيلة الوالد ، هذا ما أردت كتابته لفضيلة شخصك الكريم ، سائلا الله تعالى أن يبارك في عمرك وعلمك وعملك وذريتك وجميع شأنك .فضلاً لا أمراً .. إيصال سلامي إلى الأبناء الأكارم أبي زكي ، والشيخ محمد وأحمد وبقية الأبناء . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محبكم في الله/ابنكم/ عبد العزيز بن محمد السدحان
خطيب جامع أهل أشيقر في السويدي وإمام مسجد الفاروق في البديعة
السبت 29/6/1423هــ