مكتبـــــة الفوائد

2025-12-03 10:00:00

417- التفريق بين صيغة "رَوينا" و "رُوّينا"

417-[ التفريق بين صيغة "رَوينا" و "رُوّينا"]

قال أبو غدة عند قول ابن الصلاح السابق ( وقد روَينا):" يجوز ضبط هذا الفعل بفتح الراء والواو، مبنيا للمعلوم، ويجوز ضبطه بضم الراء وكسر الواو المشددة مبنيا للمجهول، وكنت سمعت من تقرير شيخنا العلامة المحدث المؤرخ الأديب الشيخ محمد راغب الطباخ رحمه الله تعالى حينما قرأنا عليه مقدمة ابن الصلاح في المدرسة الخسروية ببلدتنا حلب، أنه يُقال: رُوّينا عن فلان بالبناء للمجهول مشددا، إذا لم يكن المروي عنه شيخا للراوي حقيقة، فإن كان شيخه مشافهة أو إجازة قيل: رَوينا عن فلان. وأفاد كلامه رحمه الله تعالى – فيما أذكر- التزام هذه التفرقة، سألت أثناء إتمام دراستي في مصر شيوخي الأعلام: الكوثري وأحمد شاكر رحمهما الله تعالى وعبد الله بن صديق الغماري فرج الله عنه عن رأيهم في هذه التفرقة والتزامها فقالوا: لا حاجة إليها، ولا يرونها لازمة.ومعنى قولك رَوينا عن جابر) أو (رَوينا عن البخاري) وأنت لم تدركهما رَوينا بسندنا إلى جابر عنه ورينا بسندنا إلى البخاري عنه.ولدى مراجعتي كتب اللغة " الصحاح" للجوهري و" المغرب" للمطرزي و " المصباح المنير" للفيومي و " لسان العرب" لابن منظور و "تاج العروس" للزبيدي في مادة (روى) وجدت ما قاله شيخنا العلامة الطباخ سائغا مقبولا ولكن التزامه غير لازمن وقد رأيته (رُوّينا) ضبطا شائعا في كثير من الكتب الخطية التي وقفت عليها.ثم رأيت العلامة ابن حجر الهيتمي المكي قد صرح في أوائل كتابه " الفتح المبين بشرح الأربعين" (26): أن الأكثر على ضبطه رَوينا، وقال جمعن الأجود رُوّينا، أي روت لنا مشايخنا، أي نقلوا إلينا فسمعنا" ونحوه في شرح العلامة علي القاري على الأربعين النووية أيضا (11-12) إلا أنه زاد على ذلك قوله:" واختار بعض المحققين أنه بصيغة المجهول مخففا على طريق الحذف والإيصال نقلا، أي رُوي إلينا ونقل إلينا سماعا وقراءة..." ثم قال:" أو بصيغة المعروف لكون قوله (أن) مع صلتها مفعولا."والذي أراه بعد هذا كله متابعة قول الأكثر، لرجاحته ويسره، وإن كان الضبط الثاني مقبولا جائزا، ولهذا صدّرت كلاّ من الضبطين بقولي: يجوز، والله تعالى أعلم، وبعد كتابتي هذه وفقني الله لحج بيته هذا العام 1383هـ فزرت مكتبة الشيخ عارف حكمت بالمدينة المنورة، ورأيت في حاشية نسخة "نكت الزركشي" على مقدمة ابن الصلاح تعليقة هذا نصها:" قال ابن حجر في الإفصاح: الذي يليق التفرقة فإن كان قد حدّث بما له به سماع أو إجازة ولو مرة ساغ له أن يقول: روَينا بالتخفيف، وإن لم يحدِّث به أصلا فالأولى أن يقوله بالتشديد." فالحمد لله ربي على حسن توفيقه."

[الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة لأبي الحسنات اللكنوي (حاشية (3) 184-185) وعليها التعليقات الحافلة على الأجوبة الفاضلة بقلم عبد الفتاح أبو غدة]

فوائد ذات صلة