مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

ضعف حديث (من تزيا بغيرزيه فقتل فدمه هدر)

المكرم أبو عبد العزيز " محمد الوهيبي " سلَّمه الله تعالى ... آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد :سألتَ سلَّمك الله تعالى عن حديث « من تزيّا بغير زيه فقتل فدمه هدر ». وأحيطك علماً بأن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر غير واحد من أهل العلم ، بل جعلوه في عِداد الأحاديث الموضوعة والمكذوبة .

ومن باب زيادة الفائدة ، فإن للحديث قصة ذكرها الحافظ بن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى – في كتابة ( إنباء الغمر بإبناء العُمر ) في ترجمة نور الدين علي بن محمد بن محمد بن النعمان الأنصاري الهوسي قال : يُحكى أنه كان في مقولة(1) فخرج عليه ثعبان مهول المنظر ، ففزع منه ، فضربه فقتله ، فاحتُمل في الحال من مكانه ففُقِد من أهله ، فأقام مع الجن إلى أن حملوه إلى قاضيهم ، فادّعى عليه وليّ المقتول ، فأنكر ، فقال له القاضي : على أي صورة كان المقتول ؟ فقيل : على صورة ثعبان . فالتفت القاضي إلى من بجانبه ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من تزيّا لكم فاقتلوه » فأمر القاضي بإطلاقه فرجعوا به إلى منـزله(2) .

وذكر السيوطي أيضاً قصة أخرى مشابهة ، وخلاصتها : أن رجلاً دخل إلى بعض الخراب ليبول فيها ، قال : فإذا حية عظيمة فقتلها ، فأخذه شيء فأنزله في الأرض واحتوشه جماعة فقالوا : هذا قتل فلانا ، فقالوا : نقتله ، فقال بعضهم : امضوا به إلى الشيخ ، فمضوا بي إليه ، فإذا شيخ حسن الوجه ، كبير اللحية أبيضها، فلما وقفنا قدَّامه قال : ما قصتكم ؟ فقصوا عليه القصة ، فقال : في أي صورة ظهر ؟ قالوا : في حيّة . فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا ليلة الجن : « من تصور منكم في صورة غير صورته فقُتِل فلا شيء على قاتله » ، خلّوه ، فخلوني .انظر لفظ المرجان في أحكام الجان للسيوطي ص115 .

وممن ذكر الحديث – دون القصة – الإمام السخاوي في كتابه ( المقاصد الحسنة ) ص407 ، حديث رقم 1099 ، وقال بعد سياق الحديث : ( ليس له أصل يعتمد ، ويُحكى فيه حكايات منقطعة أنّ بعض الجان حدث به إما عن علي مرفوعا ، وإما عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة ، مما لم يثبت فيه شيء ) انتهى .

وقد ذُكر الحديث في : كشف الخفاء 2 ص239 حديث رقم 2433 ، تمييز الخبيث من الطيّب ص181 حديث رقم 1367 ، الفوائد الموضوعة ص108 حديث رقم 192 ، الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص325 حديث رقم 476 .إتماماً للفائدة .. إذا أردت التزود من الكلام عن الجن وما يتعلق بهم من حيث التشكّل وحكم قتلهم وغير ذلك ، فانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - المجلد 19 من ص9 إلى ص65 ، المجلد 11 من ص300 إلى 310 ، وهناك كتب مفردة عن الجن والشياطين .

هذا ما لزم بيانه جواباً لسؤالكم .فائدة : قال ابن أبي زيد القيرواني : ( روى أشهب وابن نافع عن مالك . وسئل عن رجل به لمم ، فقيل له : إن شئت أن نقتل صاحبك قتلناه ، فقال له بعض من عندنا : لا تفعل ، واصبر واتق الله ، وقال له بعضهم : اقتله ، فإنما هو مثل اللص ، يعرض لك ، يريد مالك ، فاقتله ، فقال : إنّ أعظمهم جرماً الذي مثَّله باللص . قيل له : فما رأيك ؟ قال : لا علم لي بهذا . هذا من الطب . ( النوادر والزيادات 14/555 )والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


(1) لعل أصل الكلمة ( مبقلة ) ، قال في المعجم الوسيط : ( المبقلة : موضع البقل ) ص66 ، فإما أن تكون الأرض التي يزرع فيها البقل أو المكان الذي يباع فيه البقل ، والله أعلم .

(2) القصبة ذكرها السيوطي في كتابه ( لقط المرجان في أحكام الجان ) ص114-115 ، معزوة إلى أبناء الغمر ولم أعثر عليها في كتاب ابن حجر في وفيات سنة 781 ، وهي السنة التي ذكر فيها السيوطي أن محمد بن علي صاحب القصة مات فيها .

مقالات ذات صلة