مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

الشيخ محمد اليحي مات شخصه وبقي وصفه رحمه الله

الشيخ/ محمد اليحيى .. مات شخصه وبقي وصفه

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فإن تذكّر سير الصالحين وما كانوا عليه من صالح القول والعمل يشحذ همة المرء ويبصّره في عيوب نفسه .ولقد كان سلفنا الصالح يُعنون بتراجم أولئك الصالحين عناية تامة ، يشهد لذلك العشرات بل المئات من كُتِب التراجم المختصرة والمطوّلة التي تحوي في طيات صفحاتها سير أولئك البررة من محدثين وفقهاء ومفسرين وخطباء وزهّاد وعبّاد إلى غير ذلك من تلك الصفوة المباركة .

ولا يزال أولئك يتوارثون الفضل بحسب أنواعه إلى ساعتنا هذه وإلى قيام الساعة ؛ لأن الخير باق إلى قيام الساعة .شاهد المقال .. أنّ عصرنا هذا قد حوى فضلاء كثيرين مشهود لهم بالصدق والديانة .

ومن أولئك الشيخ العابد الزاهد/ محمد بن سليمان اليحيى ولست في مقالي هذا في مقام سرد لسيرته ، ولكن اقتطف شذرات مما رأيت فيه وسمعت منه وعنه .

فأقول وبالله التوفيق :عرفت الشيخ محمد بسمعته الطيبة قبل رؤيته ، ثم يسّر الله تعالى لي اللقاء به ، فرأيت شيخاً وقوراً يعلو محياه نور الطاعة ، وترى في قسمات وجهه سماحة ووداعه ، يحبه من يراه ويجلّه من يعرفه ، وأحسب إن شاء الله تعالى أنه يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم : «أولياء الله الذين إذا رُأءوا ذَكِر الله»، ولا أزكي على الله أحدا .

شاهد المقال .. إنني لما تعرفت عليه لم انقطع عن زيارته – مع تفاوت في أوقات الزيارة – حتى مات رحمه الله تعالى .كنت أزوره غالباً بعد صلاة الظهر ، فآنس بمجلسه الطيّب وأتذاكر معه بعض المسائل في العلم والتاريخ والأنساب ، يتوّج ذلك تواضع جمّ ووجه بشوش ، وفي كل مرة أزوره يأبى إلا أن يقوم بصب القهوة والشاي لولا إصراري عليه ومنعي له . ويعلم الله إني أحياناً أزوره براً به ثم شفاعة لمحتاج وأخرج من عنده مع عدم مفاتحتي له في الشفاعة حياءً منه وتوقيراً له ، فيفهم ذلك مني ، فكان يسألني كلما أردت الخروج : - هل لك حاجة ؟ - ، فكان ذلك فرج من الله تعالى لي ، وكان يقضي شفاعتي في وقتها، ولم يرد لي شفاعة عن وقتها إلا مرة واحدة أمرني أن آتيه بعد أيام فآتيته فقضى الشفاعة وزاد عليها .وكنت أخبره بسرور المشفوع له وبدعائه له ، فكان يصرفني عن ذلك باتهام نفسه بالتقصير و التفريط .

وما يذكر للشيخ فيشكر : المسابقة للخيرات من بذل المال وعيادة المرضى وشهود الجنائز ، وخصلة أخرى وهي رد الفضل إلى أهله ، فكثير ما كان يثني على بعض صغار طلبة العلم فضلا عن كبارهم ناهيك عن علماءهم .سمعت هذا منه مراراً ، وبكل حال .. فلأن كان طالب العلم يستفيد من مشايخه بحسب تنوعهم في فنون العلم وكذلك في أخلاقهم وسمتهم .فإني اعتبر الشيخ محمد شيخاً لي ، استفدت من أخلاقه وتوجيهاته وتشجيعه ، ناهيك عن بعض نقده لتصرفات يذكرها عن مبهمين لينبهني على اجتنابها .

فرحم الله تعالى شيخنا ووالدنا أبا عبد الرحمن ، ومن عاجل بشراه محبة الناس له في حياته ، يؤكد هذا كثرة من صلى عليه ممن يعرفه وممن لم يره ، وهذا إن شاء الله تعالى مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : «أنتم شهداء الله في أرضه» .اللهم ارحم الشيخ محمدا ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في أهله في الغابرين ، واجعله من ورثة جنة النعيم .اللهم بارك في ذريته ، واجعلهم خير سلف لخير خلف ... إنك تعالى سميع مجيب .

عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان

مقالات ذات صلة