مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

غاب شخصه وبقي أثره

بسم الله الرحمن الرحيم

عبدالعزيز بن ثنيان الثنيان

غاب شخصه وبقي أثره

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإنّ من سُنّة الله تعالى في خلقه أن جعل الموت نهاية لحياتهم في هذه الدنيا.. ﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾.

فهذه الآية ـ كما قال بعض المفسِّرين ـ فيها تعزية لجميع الناس؛ فالموت كأس وكلّ الناس شاربه، وبعد الموت أمور القبر، ثمّ عرصات القيامة، ثمّ المستقرّ والمثوى.

إلّا أنّ ممّا يُستأنس به ويُفرح به للميت ما يكون من أمور تكون ـ بفضل الله تعالى ـ من عاجل البشرى له.

وأحسب ـ إن شاء الله تعالى ـ أنّ من هؤلاء: الشابّ عبدالعزيز بن ثنيَّان الثنيَّان، فهذا الشابّ مات ـ رحمه الله تعالى ـ وعُمره قرابة الثلاثين عامًا، ومع أنه كان من أسرة وجيهة ثرية وفي مقتبل عُمره ـ ومثل هذا تتجاذبه فتن الشبهات والشهوات ـ إلّا أنّ هذا الشاب بفضل الله تعالى ثمَّ بحرصه هو على أبواب الخير كفاه الله تعالى بذلك شرورًا ووفّقه إلى أبواب من الخير كثيرة، وهذا من البشائر له في حياته.

وكان من أول بشائره بعد موته: كثرة المصلِّين، والمشيِّعين، والمُعزِّين. قال ﷺ: «من صلى عليه مائة من المسلمين غُفر له». أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة ا، وصحَّحه الألباني.

وفي حديث آخر قال ﷺ لأصحابه: «من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار، الملائكة شهداء الله في السماء، وأنتم شهداء الله في الأرض...» الحديث.

وفي رواية: «والمؤمنون شهداء الله في الأرض، إنّ لله ملائكةً تنطق على ألسنة بني آدمَ بما في المرء من الخير والشرّ». أخرجه البخاري ومسلم.

فلقد كان جمعُ المصلِّين مشهودًا، وأمَّا العزاء فاستمرَّ قُرابة الأسبوعين والناس بمختلف طبقاتهم يتردَّدون على منزل والده.

ومن الأمور التي يُرجى له ـ بإذن الله تعالى ـ رفعة في درجاته أنه مات محترقًا. قال ﷺ: «الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله...» ثم ذكر منهم: «..والحرق شهيد». أخرجه مالك وأصحاب السنن من حديث جابر بن عتيك ا.

فاللهَ أسأل أن يكتُب له أجر الشهادة.

ومن باب قوله ﷺ: «اذكروا محاسن موتاكم»، فأقول:

لقد حدّثني غيرُ واحد من الإخوة، أقربهم منه: أخوه وشقيقه فهد الثنيان، فلقد ذكر عنه أنه كان بارًّا بوالديه، بشوشًا حريصًا على إخفاء عمله في أبواب الخير، ومصداق ذلك ما يتحدّث به بعض من كان يتعاهدُهم بالعطاء مع عدم معرفة أقرب الناس إليه بتلك الصدقات، وهذا يدُلّ ـ إن شاء الله تعالى ـ على حسن نيَّته وصادق طويَّته رحمه الله تعالى.

كان كريمًا مع أصحابه من غير منّة ولا تحدّث بذلك عند الآخَرين، بل كان إذا أعطى صاحبًا له شيئًا من المال أو الهدية ظنّ ذلك الصاحب أنه الوحيد دون غيره، مع أنّ غيره مثله، ولا يعرف أحدٌ منهم ما أعطى الآخَر، وهذا من كريم أخلاقه رحمه الله تعالى.

ومن محبَّة معارفه له: أنّ غير واحد منهم سمَّوا موالديهم باسمه «عبدالعزيز»، وحسبك بهذا الحبّ والتقدير.

مات ـ رحمه الله تعالى ـ يوم .............. وخلّف ابنتين صغيرتين: سارة وريم، وأقول لهما: يا ريحانتا عبدالعزيز بن ثنيان، ادعيا لوالدكما، فنعم الوالد هو، فلقد كثر الدعاء لكما وسيستمرّ ـ إن شاء الله تعالى ـ بفضل الله تعالى ثم بسيرته الطيِّبة، فأكثرا من الدعاء له واذكراه بالجميل، واحرصا على عمل الخير كما كان والدكما فذلك من مرضاة الله تعالى ثمَّ من البرّ بوالدكم بعد موته.

اللهمَّ ارحم عبدالعزيز بن ثنيان وارفع درجته، واجعل الفردوس الأعلى مثواه.

اللهمَّ احفظ ابنتيه سارة وريم وزدهما توفيقًا وسدادًا، واجمعهما به في جنات النعيم... آمين.

والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.

كتبه /عبدالعزيز بن محمد السدحان

مقالات ذات صلة