مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

إلى الأستاذ الأديب محمد الصامل بشأن كتاب من بلاغة المتشابه اللفظي

الأستاذ الكريم الأديب/ محمد بن علي بن محمد الصامل الجهني حفظه الله تعالى ورعاه ووفقه لما يحبه ويرضاه ... آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد : فبادئ ذي بدء ، شكر الله حسن ظنك بي في إرسالك لي بعض ما خطّه قلمك ودبّجه يراعك ، فلقد قرأت كتابكم (( من بلاغة المتشابه اللفظي )) من أوله إلى آخره ، ووالله لقد استفدتُ منه وأفدتُ غيري .

أخي الكريم .. من منطلق أن ثناء الناس على المرء – دون رغبة منه – من عاجل بشرى المؤمن ، ومن باب التفاؤل بالخير أقول لك : لقد لحظت بوادر التوفيق الإلهي في كتابكم (( من بلاغة المتشابه اللفظي )) ، وذلك من خلال جميل طريقة عرضك ، وما ضمنته لكثير من الفوائد ، وسهولة وصول الفائدة إلى ذهن القارئ ، وأعظم تلك الفوائد ما ألمحت إليه من تلك الفوائد والتنبيهات العقدية ، كما سيأتي الإشارة إلى بعض مواضعها في الوقفة الثالثة ، وأنا عازم إن شاء الله على قراءة كتبك الأخرى لكثير ما جنيتُ من صيد قلمك وبليغ كَلِمك ، زادك الله من فضله .أبا علي .. رعاك الله وبارك في جهودك ، لقد ذكرتم في مقدمة كتابكم (( المدخل إلى دراسة بلاغة أهل السنة )) { ص5-6 } ، ما نصه :[ وحرصاً على الالتزام بمنهج السلف الصالح ، وخدمة التخصص الذي أنفقت فيه من عمري سنين ، وشعوراً بالمسؤولية أمام الله عز وجل في تقديم ما أراه نافعاً .

من أجل ذلك كله ، كانت فكرة الدعوة إلى منهج بلاغي يخدم مذهب أهل السنة والجماعة في أبواب الأسماء والصفات ، والإيمان ، واليوم الآخر ، ومسائل الغيبيات ، وسائر مسائل الاعتقاد فكرة تراودني منذ أمد ، وذلك لما رأيت أن علم البلاغة قد انحرف مساره عند بعض العلماء ، وصار باباً لهم ولجوا من خلاله ، فخدموا به معتقدهم ، وطوعوه لتأويل ما يخالفهم ] .فاعلم أن هذا وعد منك ( ومن فمك ندينك ) ، و ( يداك أوكتا وفوك نفخ ) .فجزاك الله خيراً ، ونعم الثغر الذي أنت عليه ، فاستعن بالله وشمِّر عن ساعد الجد ، وابشر بالتوفيق من الله تعالى ثم الدعاء من الناس .

الله أسأل أن يجعلك مباركاً أينما كنت ، فكم والله تحتاج ساحة البلاغة إلى بلاغيين غيورين على منهج أهل السنة ، ينافحون عن منهج أهل السنة لفظاً وقلماً ، ويكشفون ما تلوثت به تلك الساحة من أوحال ضروب التأويل المذموم الذي دنَّس صفاءها ، وكدَّر نقاءها .بعد هذا استميحك أديبنا البليغ في ذكر وقفات من كتابكم الموسوم بـ (( من بلاغة  المتشابه اللفظي في القرآن الكريم )) .

الوقفة الأولى :إحسان طريقة عرض المبحث ، ومن ثمَّ معالجة الموضوع بطرح مقدمات وتساؤلات ثم الخروج بنتائج موفقة .

الوقفة الثانية :بركة العلم عزوه إلى قائله ، وقد لاحظت ذلك من كثرة المراجع ، وأحياناً نسبة القول إلى قائله .

الوقفة الثالثة :الإشارة إلى جوانب عقدية تقريراً أو ردَّاً كما في { ص50 – 51 – 57 – 88 – 116 – 195 –196} .

الوقفة الرابعة :الاعتراف بالفضل لأهله ، كما في { ص77 ( ما كتب عن الأفراد ... كتاب الله ) } . و { ص119 :( حتى استطاع أحد الفضلاء ... ) } .و { ص131 : ( ولقد اجتهد بعض الباحثين وفقهم الله ) } .

الوقفة الخامسة :عبارات جميلة المعنى ، قوية المبنى ، ومن أمثلة ذلك { ص57 : ( ولذلك كله فلا بد ... تجنبناه ) } . { ص63 : ( واضرب صفحاً ... خبير )} . { ص72 : ( فتأمل أخي القارئ كيف يتعانق ... العظيم ) } . { ص73 : ( فلم يرد الترتيب ... خبير ) } . { ص76 : ( وتخيّل أخي القارئ ... في هذا المقام ) } . { ص82 : ( هذه بعض لطائف ... زاخر ) } . { ص103 : وهذه الأوصاف متوافرة ... لا غموض فيه ) } . { ص124 : ( ومن باب إرخاء العنان ... بمراحل التحدي ) } . { ص133 : ( وأظنك أخي القارئ ... آية الصف ) } . { ص138 : ( فلا حرف يأتي في القرآن ... والله أعلم ) } .  

الوقفة السادسة :مما تتميز به البحوث والرسائل العلمية وغيرها ظهور شخصية الباحث ، مما يكسبها قوة وتميزاً ، وقد لاحظت ذلك في غير موضع من كتابكم ، ومن الأمثلة ما جاء في { ص75 : ( أقول وفقني الله وإياكم أن ما ذكره ... المقام ) } . { ص79 - 60 : ( وقد بدا لي والله أعلم ... ولذا أفردت ) } . { ص116 : ( ولهذا فإني أخالف البلاغيين في مثل هذا ... ومجاراة الآخرين ) } . { ص124 : ( أقول : لما كان الراجح ... يحتاج إلى التعليل ) } . { ص129 : ( فإنه لا ينبغي أن نغفل أن هذا الأمر ... البلاغي في القرآن ) } . { ص130 : ( ولهذا فإن لك أيها القارئ ... الصنعة النحوية ) } . { ص152 : ( وهذا السبب – والله أعلم – ضعيف ... الشجرة ) } . { ص153 : ( ولعلي أذكر أخي القارئ ... والله أعلم ) } . { ص177/178 : ( ولعلك أدركت مناسبة ... للاستعانة بهما ) } . { ص186 : ( وإن كان هذا الكلام ... وجهله من جهله ) } . { ص191 : ( وفحوى هذا التعليل ... نص واحد متصل ) } .

الوقفة السابعة :الدعاء للقارئ أو الـقُرّاء :{ ص36 : ( وفقني الله وإياكم لكل خير ) } . { ص61 - 110: ( وفقنا الله وإياكم لكل خير ... ) } . { ص75 : ( وفقني الله وإياكم ) } . { ص92 : ( وفقني الله وإياك لكل خير ) } . { ص94 : ( جعلنا ممن وفق لفهم كتاب الله كما فهمه السلف الصالح وجعلنا ... ) } .

الوقفة الثامنة :حسن الخطاب ، وجمال اللفظ مع القارئ أو الـقُرّاء :{ ص45 – 50 – 67 – 68 – 111 – 113 – 118 – 153 – 196 : ( أيها القارئ الكريم ) } . { ص63 : ( أخي الكريم ) } . { ص69 – 72 – 76 – 95 – 99 – 112 : ( أخي القارئ ) } . { ص73 : ( أحد الأخوة القراء ) } . { ص81 : ( وكأني بأحد الأحبة ) } . { ص88 – 123 : ( أيها الأحبة القراء ) } . { ص130 : ( فاستمع غير مأمور ) } . { ص154 : ( واقرأ غير مأمور ) } . { ص134 : ( وقد يتساءل أحد القراء الكرام ) } . { ص155 : ( فتأمل وفقك الله ) } . { ص160 : ( وفقني الله وإياكم لكل خير ) } .

الوقفة التاسعة :طلب العون من الله ، وهذا ما يشعر الكاتب والسامع بالإفتقار دوماً إلى الله  :{ ص125 : ( أقول سائلاً الله التوفيق والسداد ) }

.الوقفة العاشرة :أخطاء مطبعية :{ ص174 سطر 13 ، الخطأ ( للؤمنين ) والصواب ( للمؤمنين ) } .{ ص17 سطر 9 ، الخطأ ( فوجتموه ) ولعل الصواب ( فوجدتموه ) } .{ ص61 ، الخطأ ( الموضوع الثاني ) والصواب ( الموضع الثاني ) } ، وهكذا جاء التعبير عن سائر المواضع التسعة الأخرى .

الوقفة الحادية عشر :مقترحات :

1- أحسنت صنعاً يا أستاذ محمد في ذكر بعض المآخذ العقدية مع الرد عليها ، لكن هناك بعض المواضع يذكر المآخذ فقط دون الإشارة إلى الرد عليه ولو إجمالاً ، كما في { ص199 } أول الصفحة . فحبذا على الأقل من ذكر بعض المراجع التي عُنيت في الرد عليهم ويشار إلى ذلك في الحاشية .

2-  إفراد كتاب مستقل في : [ ما قيل إنه حرف زائد في القرآن والجواب عليه ] ، وقد علّقت هذا المقترح كتابياً في أثناء قراءتي لكتابكم هذا لكي أفاتحكم به حتى وقفت على ما أشرتم إليه – ونعم الإشارة – في { ص63 } وأوسع منه في { ص128 – 130 } ، ولا تقل يا شيخ محمد قد كتب غيري ، فإن قلت : فجوابك أن موضوع المتشابه اللفظي قد كتب فيه غيرك – وكثيرٌ ما هم – لكن طريقة عرضك ومحاولة استقراء الأقوال ثم الخلوص بنتيجة موفقة بالأدلة الشرعية واللغوية والبلاغية .أحسب – إن شاء الله تعالى – أنها من أبلغ الطرق إيصالاً بل إفهاماً للمقصود وإزالة للإشكال ، فأنت ( ابن بجدتها ) ، وأحقّ بها وأهلها ، وإياك أن يقول لك قائل : ( إنّ عليك جَرشا فتعشَّه ) فإني احسب رأيه هـذا ( إنما هو كبرق الخلَّب ) ، وأحسب أنك ( لأريض للخير ) ، فهذا ظني بك ، فلا تجعلني كقصير  فـ ( لا يطاع لقصير أمر ) ، وأحسب أن كتابك في هذا المبحث سيكون له أثر نفع متعدٍ إلى شرائح كثيرة من أهل العلم من قرّاء ومفسرين وفقهاء وغيرهم ، فاستعن بالله ولا تعجز ، فحسن أسلوبك وبليغ عبارتك يشفع لي عندك في قبول اقتراحي – وعذراً إن قلت لك من طرف خفي – إلحاحي وليس اقتراحي، فليتسع صدرك وانظر ماذا ترى ، فأهل اللغة كما قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى - : ( ( هم جن الإنس يبصرون ما لا يبصر غيرهم )) ، وأنت جهني ، (( وعند جهينة الخبر اليقين )) ، في أن هذا المبحث (( الحرف الزائد في القرآن جدير بالبحث لإزالة اللبس وبيان الحق .فعسى أن يوافق الـخَبر الـخُبر .خاتمة :وحقّ لي بعد هذه الوقفات أن أقول أن كتابك هذا  (( رحم ولود )) ، لكثرة ما حوى من الفوائد واللطائف .الله أسأل أن يثقّل به ميزان حسناتك .كما أسأل تعالى أن يبارك في عمرك وعلمك وعملك وقلمك وذريتك وجميع شأنك إنه تعالى سميع مجيب .

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . وهذا كتابي نائب عن زيارتي .. وفي عدم الماء التيمم جائز

أخوك ومحبك في الله  عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان 

مقالات ذات صلة