مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

مقدمة كتاب تسلية المصاب عند فقد الأقربين و الأحباب

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة لكتاب [ تسلية المصاب عند فقد الأقربين والأحباب ] تأليف/ الشيخ إبراهيم علي محمدالشريم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فإن من حكمة الله تعالى أنه خلق الإنسان في كبد ، مكابدة مع أهله وولده ، مكابدة مع الناس ، مكابدة مع الشيطان ، وهكذا الإنسان في حياته القصيرة يتعرض لمصائب متنوعة ، تارة في المال ، وتارة تكون مصيبة حسية ، وتارة معنوية ، إلى غير ذلك.ولما كان من طبيعة الإنسان الجزع والفزع عند حدوث نازلة به ، وبخاصة موت قريب أو صاحب ، بين الله تعالى طبيعة الداء والدواء فقال الله عز وجل : ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ (1)

وقد استثنى الله طائفة من بني الإنسان تختلف حالهم عن حال غيرهم عند حدوث المصائب فقال تعالى : ﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُم بشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ * فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ (2).

وإنما خصهم الله بتلك الصفات ؛ لعظيم شأنها ، وقدم وصفهم الله بالمداومة على الصلاة ؛ لأنها عمود الدين ، فإذا صلحت صلح سائر عمل العبد ، وإذا فسدت فسد سائر عمله ، فمن أقام الصلاة وأداها على خير وجه ألهمه الله تعالى الصبر على المصاب ، واحتساب الأجر والثواب ، وجعل صبره مثقلاً لميزان حسناته ، بخلاف أولئك المتسخطين الجزعين عند نزول المصيبة ، فهم من أبعد الناس عن الصبر والاحتساب ، قابلوا مقادير الله بالاعتراض عليها ، والتسخط منها ، فما زادهم ذلك إلا إثماً مع آثامهم ، وزيادة في مصابهم ، وغالب أولئك ممن لم يقيموا الصلاة حق إقامتها ، ولم يحافظوا عليها بصفتها في أوقاتها ، وممن فرطوا في كثير مما أمرهم الله تعالى به فكان عاقبة أمرهم جزعاً عند المصاب وحرماناً من كثير من الأجر والثواب .

إن التواصي بالصبر عموما وعند المصاب خصوصاً من صفات المؤمنين ، ولا يخفى ما للصبر من المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة.وشواهد ذلك من القرآن والسنة وكلام السلف ومن جاء بعدهم لا يحصيها ديوان كاتب.ولمزيد من الفائدة فيما يتعلق بمنزلة الصبر والصابرين عموما عليك بالنظر في كتاب الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ).

وبكل حال:سترى هناك ما فتح الله تعالى به على هذا الإمام الجبل من الكلام والاستنباط والاسترسال المفيد عن منزلة الصبر وأهله من خلال النظر في الآيات والأحاديث والآثار.وعوداً على بد يقال... إن هذه الرسالة ( تسلية المصاب عند فقد الأقربين والأصحاب) من هذا الباب – باب التواصي بالصبر – ، وقد أجاد مؤلفها الشيخ إبراهيم بن علي بن محمد الشريم – أثابه الله تعالى – في اختياره لهذا الموضوع لعموم البلوى به ، وكثرة السؤال عن حيثياته من كثير من الناس ، فأجاد وأفاد في حسن صياغته لتلك المواضيع التي ضمنها في ثنايا بحثه فحوت مباحث علمية نفيسة وإشارات لطيفة مع اختصار وسهولة وشواهد من الكتاب والسنة والآثار والأشعار.ومما زاد البحث قيمة أنه لم يكتف بسرد القصص والمواعظ ، كغالب الكتابات في هذا الباب ، بل ضمن بحثه تنبيهات علمية وعقدية كتصحيح بعض المفاهيم أو التحذير من بعض البدع ، وذكر شواهد من حياة السلف ، وكيف كانوا مشاعل هدى للناس في التعامل مع النصوص الشرعية ، فجاء البحث معلماً منبهاً واعظاً.

وختاماً.. شكر الله للشيخ إبراهيم الشريم حسن طرحه لهذا الموضوع ، وأسأل الله أن يزيده علماً وعملاً وتوفيقاً إنه تعالى سميع مجيب والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

د. عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله السدحان

24/3/1423هـ


(1) سورة المعارج ، الآيات : 19-21

(2) سورة المعارج ، الآيات : 22-36.

مقالات ذات صلة