مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

إلى الأخ نبيل الجعدي جواب على طلب وصية

الأخ الكريم / أبو عاصم نبيل بن محمد الجعدي حفظه الله تعالى ورعاه ووفقه لما يحبه ويرضاه ...آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

فلقد قرأت رسالتك الأخوية ، وسرني محبتك لي في الله ، وأمّا ما يتعلق بشأن تأثرك بشخصي الضعيف ، فوالله يا أخي لست لذلك أهلاً ، والله اسأل العفو عن التقصير والزلل ، كما أسأله تعالى أن يجعل بواطننا خيراً من ظواهرنا .ويحضرني قول الصديق – رضي الله تعالى عنه – عندما مدحه قوم وذكروا فيه خصالاً من الخير : ( الهم أنت أعلم بي من نفسي ، وأنا أعلم بنفسي منهم ، فاجعلني خيرا مما يحسبون ، واغفر لي برحمتك ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون )(1)

أخي النبيل .. لقد أحببتك منذ أن رأيتك ، وقد ذكرت هذا للأخ عبد الكريم قبل أن اقرأ رسالتك ، بل كررت السؤال عنك غير مرة ، واحسب أنك من أناس وقع حبهم في قلبي منذ أن رأيتهم ، ويحسُن إيراد ما قاله عمر بن الخطاب لعلي – رضي الله تعالى عنهما - : [ يا أبا الحسن ، الرجلُ يحب الرجلَ ولم ير منه خيرا ، فقال علي – رضي الله تعالى عنه - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الأرواح جنود مجندة ... )) (2) ]

أخي أبا عاصم .. مثلي يحتاج إلى أن يوصَى لا أن يوصِي ، لكن نزولاً عند رغبتك ومحبة لشخصك في الله ، أوصيك أخي بتقوى الله تعالى في السر والعلن ، والقول والعمل ، ومما يُستعان به على ذلك بعد عون الله تعالى المحافظة على الفرائض مع الجماعة ، مع الحرص على التبكير وأداء الرواتب القبلية في المسجد والبعدية في المنـزل ، إدراكا لفضل النفل في المنـزل ، وكذلك قيام الليل ، فاجعل لك حظا من الليل تناجي فيه ربك ، واضرع إلى ربك بالدعاء وسله أن يجعلك مباركا أينما كنت ، واجعل لك وقتا لقراءة القرآن ، واستثمر وقتك في ذهابك وإيابك بمراجعة ما تحفظ من قرآن أو متون علمية أو استغفار وتسبيح ، وكن لين الجانب مع إخوانك من طلبة العلم وغيرهم ، وأن دعت الحاجة إلى الحزم فاحزم لكن بعلم وبصيرة ، وإياك وفضول النظر والكلام والشرب والطعام ، وألزم الأدب في مجالس العلم ، سواء كنت متكلما أو مستمعا ، واعرف لوالديك حقهما من البر والدعاء في حياتهما وبعد مماتهما ، وكن قدوة صالحة في قولك وفعلك ولباسك وجميع شأنك .وعوداً على العلم ، كن حريصاً على وقتك أشد من حرصك على مالك ، فالمال يعود إذا ذهب ، أمَّا الوقت فذهاب بلا عودة ، فاحرص على أن تحفظ في كل فنٍ متناً مختصرا ، ثم اقرأ شروح تلك المتون قراءة بفهم وتردٍ ، واقرأ بعض كتب أدب الطلب ، ففيها خير كثير(3). وعليك رعاك الله بطلب النصح ممن تثق به من إخوانك ، ولا تبخل عليهم بنصحك .

وختاماً .. عليك بمحاسبة النفس ، وقد ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – أن من أنفع الأوقات لمحاسبة النفس عندما يريد العبد النوم(4)، ففي ذلك استجماع للذهن ، وقلة الطوارق .الله اسأل أن يجعلك مباركا أينما كنت ،وأن يمنحك التوفيق في الأمور كلها ، إنه سميع مجيب ، وبلّغ سلامي للأخوين خصوصا وللأخوة عموما .والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . 3/8/1421هـ


(1) وورد لفظ قريب من هذا من قول ابن عمر مولى عضرة ، رواه ابن المبارك في الزهد ص14 ، باب في المداحين .

(2) الأثر ذكره ابن القيم في كتابه الروح ص235 ، وأما الحديث ففي الصحيحين .

(3) احرص أبا عاصم رعاك الله تعالى على قراءة رسالة (( الوصية الصغرى )) لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله تعالى – وهي موجودة في مجموعة الرسائل الكبرى 1 من ص231 إلى ص240 .

(4) كتاب الروح لابن القيم – رحمة الله تعالى – ص345 .

مقالات ذات صلة